تم إقرار قانون الموازنة العامة في مجلس الأمة بشقيه الأعيانوالنواب ولم يتبق على دخول أحكام هذا القانون حيز التنفيذ الاتوشيحه بالإرادة الملكية السامية ونشره في الجريدة الرسمية، وبذلك تتولى الحكومة عبر مؤسساتها المختلفة العمل لتنفيذأحكام القانون وفقاً للصلاحيات المحددة في مواده المختلفة.
ولا شك بان السير قدماً في مرحلة تنفيذ الموازنة يرتبمسؤوليات قانونية واجتماعية تتطلب عملاً منسقاً وشراكة بينمختلف الجهات ذات العلاقة لتحقيق الأهداف الوطنية عبرضبط عمليات تحصيل الإيرادات ومواصلة السير بالإصلاحاتالتي ثبتت نجاعتها في تقليص التهرب والتجنب الضريبيوتوسيع القاعدة الضريبية مع الحفاظ على التوازن المحفزللاستثمارات والمحسن لبيئة الاعمال
كما أنه وفي ظل الظروف الراهنة وما تزخر به من مخاطر لا بدمن مراعاة الحذر في صرف النفقات ومراعاة تحقيق الكفاءةوالفاعلية ومدى مساهمتها في تحقيق الأهداف الاقتصاديةالكلية ودورها في توليد فرص العمل وتحسين الخدمات المقدمةمباشرة للمواطنين وتلك المتعلقة بالقطاعات الاستثمارية، معالاخذ في الاعتبار أن ما تضمنه القانون من نفقات رأسماليةلا يعني الزامية انفاقها بل تحديد السقف الذي يسمح بالإنفاقفي اطاره.
وهذا الامر يتيح للحكومة فرصة مناسبة لتحديد الأولويات ذاتالجدوى وبما يتناسب مع الظروف المحلية والإقليمية، التيتستوجب ضبط الانفاق وتوجيهه نحو الأولويات لتحقيق أكبرقدر ممكن من المنافع الاقتصادية والاجتماعية.
العمل المتزامن لتحسين الإدارة المالية وتعزيز الشفافية ونشرالبيانات في مواعيد مبكرة يؤدي الى مكافحة الهدر في بعضالنفقات ويساهم في تحقيق نتائج إيجابية تتيح اتخاذ القراراتالصائبة في وقت مناسب وتقلص الحاجة الى مزيد منالاستدانة وتساعد في اجراء تقييم سليم لاحتياجات القطاعاتالاقتصادية المختلفة، ما يعني النجاح في رفع نسب النموالاقتصادي الذي ينعكس على تحسين البنية التحتية ورفعمستوى معيشة المواطنين عبر تحقيق عدالة في توزيع الدخلوتنمية راس المال البشري مما يضمن السير نحو تنميةمستدامة وقدرة على مواكبة التغيرات التي يشهدها العالماليوم في مختلف المجالات التكنولوجية والاقتصادية وتحقيقأفضل النتائج بأقل التكاليف.
المخصصات المرصودة لتنفيذ مشاريع رؤية التحديثالاقتصادي وتحديث القطاع العام لا بد أن تولى عناية خاصة، من حيث النتائج المترتبة عليها ومساهمتها في النهضةالاقتصادية المستقبلية وارتباطها بالاحتياجات المجتمعيةالمباشرة.
كما أن السير قدماً لتحديث القطاع العام ورفع كفاءته والارتقاءبمستوى ما يقدمه من خدمات يشكل نقطة حرجة يعتمد عليهاالكثير من التطورات اللاحقة سواء ما يتعلق بمستوى معيشةالمواطن او القدرة على جذب الاستثمارات وتحسين بيئةالاعمال وتوليد مزيد من فرص العمل وهي عوامل هامة تساهمفي تمتين الاستقرار الاقتصادي وترسي قاعدة إنتاجية صلبةوتعزز القواعد لمزيد من النمو والازدهار، كما أن المباشرة فيالعمل على تنفيذ المشاريع الكبرى ضرورة لا بد من ايلائها ماتتطلبه من اهتمام.
أثناء تنفيذ الموازنة من غير المستبعد أن تطرأ بعض التغيراتوالمستجدات التي قد تتطلب إجراءات عاجلة بشكل أو باخر، ومن المهم أن يتم الاستعداد لذلك مسبقاً عبر اجراء تقييم دورييتيح تصحيح المسار وتعديل الخطط والمتطلبات وفقاً لمستوىالأهداف المتحققة وبما يحقق المصلحة الوطنية ويتناسب معطبيعة الظروف المستجدة.
واليوم ونحن على بعد شهر واحد من انتهاء الربع الأول منالعام الحالي قد يكون من المفيد اعتماد نهج مؤسسي يعتمدالتقييم الربعي لأداء الموازنة العامة وبمشاركة السلطةالتشريعية وذلك بهدف تجنب الانحرافات وعدم السماح بتفاقمعجز الموازنة والتأكد من الالتزام بالنصوص القانونية، معتعزيز هذا الاجراء بتقارير رقابية مشتركة بين الرقابة الماليةورقابة ديوان المحاسبة.
الظروف الراهنة بما فيها عدم الاستقرار الذي يشهده الإقليموعدم وضوح الرؤية المستقبلية لما قد تؤول اليه الأمور تفرضتحديات كبيرة على السياسة المالية وتتطلب مزيداً من الحذروتعاوناً بين مختلف الأطراف وحرصاً عل تحقيق أفضل النتائجبأقل التكاليف والاستعداد لمواجهة أي أزمات أو ظروف طارئةمستقبلية، شريطة أن لا يشكل ذلك عائقاً أمام تنفيذ الخططالإستراتيجية والسعي المتواصل للنهوض بالاقتصاد الوطنيوتحسين مستوى حياة المواطن.