تناولت مجلة "الصقار" التي تصدر عن نادي صقّاري الإمارات، الجهود غير المسبوقة التي بذلها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، محلياً وعالمياً في مجال صون موروث الصقارة والمُحافظة على الصقور وطرائدها، مُسلّطة الضوء على جانب أدبي وثقافي مُهم في حياته، طيّب الله ثراه، تحت عنوان "زايد والقنص والشعر".
وأكدت المجلة في عددها الخاص الذي صدر بمناسبة الدورة الجديدة من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية 2024، أنّ الشيخ زايد شاعر بارز من شعراء النبط، الشعر التقليدي في شبه الجزيرة العربية، وكان يحرص على تشجيع إحياء التراث والعادات والتقاليد في الوقت الذي كان يُدير فيه استراتيجية التحديث والتطوير.
وتتسم شخصية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، بالبداوة الأصيلة التي ورثها، وبحكمة وفصاحة رجل الدولة المُتمرّس. وللحياة البرية أثرها الواضح في صقل شخصيته وطباعه المتميزة بكونه فارساً مهيباً وقناصاً ماهراً ومرتاداً للإبل.
وكان من أحب هواياته القنص، ومن باب اهتمامه بالصيد بالصقور أصدر كتاب (رياضة الصيد بالصقور) باللغتين العربية والإنجليزية حظي باهتمام واسع في الأوساط العلمية. وقد أكد في كثير من المناسبات على أهمية المحافظة على التقاليد العربية الأصيلة ومنها رياضة الصيد بالصقور.
جاء اهتمام الشيخ زايد بالشعر لقيمته الإنسانية والأدبية المؤثرة والمهمة، وباعتباره عنصراُ مُهمّاً من عناصر الهوية الإماراتية. قرض الشيخ زايد الشعر النبطي، وصدرت له عدة دواوين شعرية تضمّ قصائده، وقد نظم على مختلف الأوزان، لكنه أبدى اهتماماً واضحاً بأوزان الشعر النبطي وفنونه التي اشتهرت بها إمارات الدولة منذ القدم، خاصة الونة والردحة والتغرودة.
أما الأغراض الشعرية التي كتب عليها الشيخ زايد، فهي عديدة، وتتنوّع بين الغزل وقصائد الحكمة والقصائد الوطنية والاجتماعية وصون التراث، إضافة إلى قرضه ما يُعرف باسم المساجلات الشعرية.
وثمّة ملامح مهمة للتجربة الشعرية عند الشيخ زايد، تتجلى في تلك القيم الإنسانية التي احتوى عليها عدد غير قليل من قصائده، وترتبط هذه القيم بثيمات مهمة مثل التسامح والدعوة إلى السلام وتقبل الآخر وتبادل الاحترام بين الفرد والآخر، وأهمية الصداقة والأخوة والتشجيع على ممارسة الهوايات التراثية الأصيلة.
وما زالت قيم المُحافظة على الطبيعة راسخة من خلال جذورها التي باتت تضرب في أعماق الأرض كالشجر الطيب، وسيبقى الصقارون وحماة البيئة في مختلف أنحاء العالم مُتمسكين بالحب والوفاء للشيخ زايد – رحمه الله - ولعطائه الكبير الذي أضفى على مشاريع صون الصقارة والأنواع الكثير من أياديه البيضاء وروحه المُحبة للتراث والأصالة، وللطبيعة والحياة البرية.
وجاء في مطلع قصيدة للشيخ زايد عن القنص والمخوّة ، ما زالت حاضرة بقوة في أذهان وعقول الصقارين والشعراء:
يا شـوق حــلوين وزينـات شهـم ولـك ميـزه نجيّــه
غيّه وفيها من الشـراغــات طيــور سـراعات وحيـّه
متعلمات الصـيد في أوقــات ومـدرّبــات بالسـويّــه
ماشي شرد عنهــن ولا فات صقارهـن نفســه رهيـّه
في الطرد ما يعطي مسافـات يلحـق وله ضربـه قويّــه
وقال الشيخ زايد في قصيدة أخرى مُبدعة تُعبّر عن نفس شاعرية شغوفة بتربية الصقور، وقد غنّاها العديد من الفنانين الإماراتيين والخليجيين:
يا طيـر وظبتك بتـــدريب أبغي أصـاوع بك هــدادي
لي طـارن الرّبـد المهاريب لـي ذايرات مـن العـوادي
القف إلهن عسـاك ما اتخيب واقصـد لقايـدهن عنـادي
خمّه براســه خمّة الـذيب وعليـك مـا ظنـي هبادي
وخلّ الهـبوب تروح واتييب ريشٍ شـعي عقب المصادي
واللي سـبج طيــره بلا طيب بيتم فـي حزمـه اينـادي
عنـد أخويانا والاصــاحيب كــل ابخبره بايســادي
واللي ما ضوى ودّوا له الجيب بازهـاب والطبخـة عتادي