وزير الصحة الدكتور سعد جابر وزير الإعلام أمجد العضايله، وزير الإدارة المحلية المهندس وليد المصري(أنموذجاً)
إنّ كلمة البراجماتية كلمةً يونانية وعرفها المعجم الفلسفي بأنّها : مذهبٌ يرى أنّ معيار صدق الآراء والأفكار، إنّما هو في قيمة عواقبها عملاً. وأنّ رموز البراجماتية الثلاث هم كل من (تشالرز بيرس، وليم جيمس، جون ديوي).
ورغم أنّ الرموز الذين قاموا بحمل الفلسفة "البراجماتية" على كواهلهم ، وكان لكل واحد منهم لون يميزهُ عن الآخر، إلّا أنهم اتفقوا في أصلها الذي يقوم على أنّ معيار صدق الفكرة، إنما يكون من خلال ما ينتج عنها من نتائج ملموسة.
فالفلسفة البراجماتية نمطٌ من أنماط الفلسفة العلمية، أي أنّها لا تقبل أن تكون الفلسفة مبنيةً على شكلِ نسقٍ مختوم بقُفلٍ لا يقبل الزيادة ولا التعديل، بل تكون كالعلم في كونها سيراً متصلاً، جديده بقديمه ، بحيث لا يكون هناك أمرٌ يُقال إنّه الكلمة الأخيرة.
وإننا نلمس من خلال الأزمة التي نمر بها العقيدة التي يتمتع بها الوزراء، فعقائدنا إنما هي في الواقع قواعد للعمل والأداء، وأننا لكي ننشئ فكرةً معينة، فكل ما نحتاج إليه إنما هو تحديد أي سلوك وأي فعل تصلح لإنتاجه. وأننا لكي نتأكد من وضوح أي فكرة، علينا أن ننظر في الآثار والنتائج العملية التي تحققها في الواقع، سواء كانت هذه النتائج مباشرة أو غير مباشرة.
إن المتتبع لموقف ( الوزراء أعلاه) يجدها بما أوجزه أبرز رموز البراجماتية تشارلز بيرس حيث أوجز "بيرس" فلسفته بقوله :إن فلسفتي يمكن وصفها بأنها محاولة فيزيائي أن يصور بنية الكون تصويراً لا يتعدى ما تسمح به مناهج البحث العلمي، مستعيناً في ذلك بكل ما قد سبقني إليه السالفون. لكنني لن أصطنع في هذا طرائق الميتافيزيقيين في الاستنباط الذي يقيمونه على فروض من عندهم، ويصلون به إلى براهين يصفونها بالصواب القطعي الذي لا يتعرض للتعديل على ضوء ما قد تكشف عنه البحوث العلمية فيما بعد. كلا ، بل طريقتي هي طريقة العلم نفسها ، وهي أن أقدم صورة للكون على سبيل الافتراض الذي ينتظر الإثبات على أساس ما قد يتكشف لنا من حقائق، ولذلك فهو يتميز أول ما يتميز بقابليته للصواب وللخطأ، وفق ما تقدمه المشاهدة لنا بعدئذ من شواهد.
إن المتتبع لسلوك الوزراء يجدهم لا يؤمنون بالجلوس الهادئ على كراسي ثابتة القوائم، بل يؤمنون "بالعمل" اليدوي وبالسعي الدؤوب الذي لا يفتر لحظة عن الإنتاج والخلق. وهم مؤمنون بأن مقياس الصواب هو النتائج، فما كانت نتيجته نجاحاً في حل المشكلات العملية فهو الصواب ، وأن كل شيء في حياة الإنسان قابل للتغيير ، ولا مفر من تغييره إذا دعت الضرورة إلى ذلك التغيير. ونلحظ أيضا بأن إنجازهم مبني على "المذهب الوسائلي" أو "المذهب الذرائعي" ، وهو أنه ليس هناك حقيقة قائمة بذاتها أبداً ، بل أنّ كل حقيقة إنما هي خطوة في طريقٍ متسلسلٍ طويل، يؤدي في النهاية إلى "حل" لمشكلة معينة ، وهذا "الحل" الأخير نفسه يستحيل أن يكون حقيقة قائمة بذاتها ، بل إنه سرعان ما يصبح حلقة في سلسلة فكرية جديدة، يراد بها "حل" إشكال جديد. ونراهم أيضا يرفضون النظر التأملي، بل يتبعون أسلوب العمل والتجربة بدلاً من الوقوف والتأمل، فهؤلاء البراجماتيون نراهم عند معالجتهم بعض الإشكاليات فبدلاً من أن يعالجوها بالتأمل المعجب، يقفزون إلى الأمام في نهر الخبرة، إذ يعيشون فيها كما تعيش الأسماك في الماء. كما نراهم يديرون ظهرهم بكل عزم وتصميم، وإلى غير رجعة ، لعددٍ كبيرٍ من العادات الراسخة (غير المفيدة) وينأون بعيداً عن التجريد، وعن عدم الكفاية، وَيُعرضون عن الحلول الكلامية، وعن التعليلات القبلية الدرئية السابقة على التجربة، وعن المبادئ الثابتة، وعن ضروب المطلق والأصول المزعومة .وهم يولون وجههم شطر الاستنادية، والمحسوسية، والكفاية،و شطر الحقائق والوقائع، وشطر العمل والأداء والمزاولة ، وشطر القوة.