رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

سلسلة مقالات حرفة التنفس .. رحيل الهرم الرابع بمصر .. بقلم الدكتور حازم الصيام

سلسلة مقالات حرفة التنفس .. رحيل الهرم الرابع بمصر .. بقلم الدكتور حازم الصيام

جوهرة العرب - حازم الصيام

 رحل عن سماء مصر نجما لامعا ليس له مثيل مطلقا في فضاء الفنون  الوطنية  التي تعبر عن الانتماء لبلدنا  بأرضها وسماءها  قبل انتماءه   للفن والموسيقي في مصر والعالم كله.. انه فنان مصر العالمي محمود رضا  الذي ندر أن تلد أرضا خصبه فنانا  مثله، انه  مثال الوطنية حينما تحل في جسد فنان ندر الزمان أن يجود بمثله فنان مبدع .. وسوف تتعجبون حين أخبركم أن إعماله كانت دليل لي للبرهان عن إعمال معماريه هندسيه استنبطت فيها من تصميمات رقصاته تنظيرا لهندسه ألعماره. ،  وذلك أن هذا  الفنان الراحل  بفكره الفني الناضج الذي هو المكون الرئيسي لفكر ستينيات القرن الماضي المبكر ،  والمعروف بعبقريته  قد جاب أرجاء القطر المصري ليراقب حركات الفلاحين والصيادين بالإسكندرية والصعيد وسائر البلاد واخذ يراقب الحركات التلقائية التي يمارسها سائر الحرافيش (الحرف) بمصر ليخرج لنا رقصاته التي  لا تمثل كما عرف عنه مجرد فن  شعبي بل هو فن وطني قومي عربي أصيل.. لأنه كما استدللت في ألعماره انه لم يأخذ الرقصات الشعبية كما هي ،  وإنما صممها بطريقه جديدة  خلاقه لا علاقة لها بالأصل ،  ألا بمفردات الحركات الوظيفية التي يؤديها العامل في حرفته أيا كانت حرفته..

وقالت النقابة في بيان لها:" أن الفن المصري والعربي والعالمي فقد أسطورة الرقص الشعبي محمود رضا، والذي رفع راية مصر عالية في العديد من المحافل الفنية الدولية".

 

وقد أعلنت الفنانة شيرين رضا نبأ وفاة والدها على صفحتها على موقع فيسبوك، قائلة إن العزاء سيقتصر على أفراد العائلة، وإن مكان الدفن لن يتم الإعلان عنه لأسباب تتعلق بوباء كورونا
.

والفنان الراحل هو راقص ومصمم استعراضات وممثل مصري، ولد في القاهرة عام 1930، وتخرج في كلية التجارة عام 1954، قبل أن يؤسس مع شقيقه علي رضا في نهاية الخمسينيات فرقة للفنون الشعبية (والحقيقة  أنها اكبر من ذلك بكثير فهي فرقه وطنيه قوميه استعراضيه) أطلقا عليها اسم "فرقة رضا".

كانت رحلات رضا بالصعيد والريف المصري بمثابة أعاده اكتشاف جديد لمصر والمصريين  ، ومازلت حتى كتابه هذه السطور استمتع بفن رصا ليس فقط علي انه ذكريات فنيه ولكن علي أساس انه فن مصري جديد مبتكر فريد لم يأتي  احد حتى الآن بمثله او مجرد ما ينافسه ،  لقد أعاد رضا اكتشاف عاداتنا وتقاليدنا وأزياءنا ورقصاتنا من خلال الأفراح الشعبية والحقول والمراعي ومراكب الصيادين أو كل ميادين مصر  والمناسبات الأخرى  ،  واستوحى منها رقصاته  ، فضلا عن أبرازها في مصر والوطن العربي والمحافل الدولية

كما ان رقصاته كانت تحكي حكايات وطنيه غير منطوقة  لو أضفت إليها الكلام لخرجت بمئات القصص التي تحكيها رقصاته.. ويكفيه انه هو الوحيد والوحيد فقط  من نوعه والفريد الذي لم يكن له أقران او منافسين ليقلدوه او ليأتوا ببعض ما جاء به من كنوز أعماق مصر ،  وألا فكيف نقلد الذهب الا ان يكون مثله ذهب واره الوحيد الذي  احتكر مناجم  الذهب.. في فن  الرقص ، ومن المؤسف  انه الآن قد ذهب ولكن عن عمر يناهز 90 عاما من الأمجاد الغنية ،  وبقيت أعماله خالدة كخلود الأهرامات الشامخة عبر التاريخ ،ليكون إسمه يحمل لقب  الهرم الرابع في سماء الفن والتمثيل والرقص والموسيقي المعبرة عن الوطن بكل أطيافه .