رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

طلقة طالقه بقلم احمد سلام*روائي مصري

طلقة طالقه بقلم احمد سلام*روائي مصري
جوهرة العرب

  الاِختِلاَفُ بَيْنَ الكلمَتَينِ اختلاف وَاضِحٌ. الأولى يُطْلِقُ عَلَيهَا الْبَعْض بِالرَّصَاصَةِ الَّتي تُطلق مِنَ السِّلَاَحِ الناري. أَمَّا الثَّانِيَة: طَلْقَةٌ تُطلقُ مِنْ سِلَاَحٍ فَمَوِي، لَكِنَّ كِلَاهُمَا نَتِيجَةً وَاحِدَةً وهَي الهَلَاك ، هَلْ يَجُوزُ لِلنَّجَاةِ وَالْهُلَّاكِ أَنْ يَجْتَمِعَان في نُقْطَة وَاحِدَة؟ نَعَمْ يَلْتَقِيَانِّ في حَالَةِ أَن تَكَونَ الْمَرأَةِ في مُجْتَمَعَاتِنَا الْعَرَبِيَّةِ تَحْمِلُ لَقَب (مُطلَقَةٌ).
تَعَدَّدُ الْأَسْبَابُ التي تَدْفَع الزَّوْجَة لِاِتِّخَاذ هَذَا الْقَرَار بِشَجَاعَةٍ وَاضِحَةٍ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا بَخِيلٌ قَابِضُ الْيَد، سَيِّئَ الْخُلُقِ أَو أَن يَكُونَ كَذَّابٌ، خائِن، يتعاطى المخدرات.بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْأَسبَاب الَّتِي لا تتناسب مَعَ حَيَاتِهَا قَرَّرْت الِانْفِصَال، لكن تَخْتَلِف الْأَسبَابِ أَيضًا وَفْقًا لشَخصِيَّة كُل زَوْجَةٍ، لَكِن شَجَاعَة الْمَرْأَةِ فِي اتِّخَاذ هَذَا الْقَرَار لِلنَّجَاةِ مِن هَذَا الْوَضعِ السّيئ فِي حَدِّ ذَاتِهِ هَلَاكٌ لَهَا، وَيُعْتَبَرُ مِن أقْسَى التَّجَارِب التي تَخوضُها الْمَرْأَة الْعَرَبيَّة، حَيْثُ أنَّ الزَّوْجَةَ بَعد طَلَاقِهَا في مُجتمعٍ جاهل، تَتَحَوَّل مِن امْرَأَةٍ فَاضِلَةٍ فِى أَعْيُنِ النَّاسِ إلَى عَاهِرَة أَو بِلَهْجَة الشَّارِع  الْمِصْرِي ( شمال) كَمَا سَمِعْت هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِن الكَثِيرِ وَلَمْ أَكُنْ أَعلَم مَعنَاهَا الحقيقي حَتَّى عَلِمتُ أَنَّهَا تَعَني الْكَثِيرِ مِن الْعِبَارَاتِ المسيئة مِثْل عَديمَة الْأَخلَاق، أَوْ امرَأَةً لَعُوب.
حَتَّى وَإِنْ كَانَت امْرَأَةً مُلْتَزَمَة أَخْلَاقِيًّا، يَنْظرُ إلَيهَا بعض الرِّجَالُ وكَأَنَّهَا سِلعَة قَدْ انتَهَتْ مُدَّةُ صَلَاحِيَّتِهَا، أَو سِلْعَةٍ مستخدمة، وَهَذَا مَا نَرَاهُ ونسمعه عِنْدَمَا يُرِيدُ شَابٌ الِارتِبَاط بِمُطْلَقة، وَيَعْرِض الْأَمْرُ عَلَى بَعْض أَصْدِقائِه المُقربين، فيَقولُ أَحَدُهُم وَكَأَنَّه يُقَدِّم لَهُ النّصِيحَةَ الذَّهَبِيَّة النَّاتِجَةِ عَنِ خَبَّرْتَه وتجاربهِ، لِمَاذَا لَا تشتَرى الجَدِيدِ مَا دُمْت قَادِرًا عَلَى ثَمَنِهِ، وَيَلِيه آخَر بِقَول، كَيْف تَشْرَبُ مِنْ إنَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ غَيْرِك، وَغَيْرَهُ يَقُولُ دَعْك مِن الْمُسْتَعْمَلِ أَنَّهُ مٌنتهي الصَّلاحية وهَالِك، وَكَأنَّ سِيرَتِهَا أَصْبَحت أَقْوَى انتِشَارًا مِن فَيْرُوس كورونا.
عِبَارَاتٍ كَثِيرَةٍ نسمعُها عَن الْمَرْأَةِ لِمُجَرَّد أَنَّ زَوْجَهَا أَطْلَقَ مِن فَمِهِ طَلْقَةُ الطَّلَاق، حَتَّى وَصَلَ الأَمْر بأَنَّهَا أَصْبَحت ضِمنَ الشَّتَائِم المُتَدَاوَلَة بينَ النَّاس، مِثْل ( يَا ابْنَ المُطْلَقَة ) وَانتَقَل الأَمرِ مِن ألقابٍ للمُطْلَقَةِ إلَى المُشاتمة، وَكَأَنَّه اتِهَام بالعهر، وَيُحَدِّث مِن خَلْفِ هَذَا السِّبَاب مُشاحنات ومُشاجَرات قَد تُؤَدي إلَى الْقَتلِ، وَالْجَمِيع يَعلَمْ بِأَنَّ العاهرة هِي التِى تَبِيعُ جَسَدِهَا مُقَابِل المَال، وَهَذَا مُحْتَقِرًا بِالنِّسبَةِ لَنَا، فَمَا الْمُحتَقَر هُنَا فِي امْرَأَةٍ قَدْ أَصبَحَتْ مُطْلَقَةٍ حَتَّى يَصِلَ الْأَمرُ إلى السِّبَاب بِهَا؟
لَيْسَ كُلٌّ زِيجَة يَتَحَقَّقُ فِيهَا المَوَدَّة وَالرَّحمَة، بَل يُوجَدُ بَعض الرِّجَال القَادِرِينَ عَلى ضَرَرِ زوجاتِهم بِأَسَالِيبٍ عُدوانِيَّة، مِن أجلِ أَن تفتَدَى الزَّوجَة نَفسَهَا مِنْهُ بِالخُلع، حَتَّى لَا تُطَالِبُهُ بمُستحقاتِها، فَالطَّلَاق فِي مِثلِ هَذهِ الْحَالَاتِ رَحِمَة تستَعيد بِهَا المرأة مَا تَبَقى مِن شَبَابهَا وكرامتها.
هَل تَختَلِف المَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ عَن الرَّجُل الْمُطْلَق والمزواج، وفمَا هو الفَارِقَ بَينَهُمَا وَبَينَ الأَرْمَلَة، ونظرة المجتمع لكل منهم، ونظرة الرجال خاصة الشباب،